من أقوال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ

قولي صواب ويحتمل الخطأ وقول غير خطأ ويحتمل الصواب .



الخميس، 8 سبتمبر 2011

ماذا بعد رمضان

الحمد الله رب العالمين وصلاة وسلامه على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد ووعلى آله وأصحابه أجمعين .

عباد الله : في نهاية كل فصلٍ دراسي وفي آخر كل سنة تعليمية يمتحن الطلاب ، وتعقد لهم الاختبارات ليُرى مدى تحصيل الطلاب وثمرة جهد المدرسين وحصيلة تعب السنة الدراسية ، ليعرف الجاد من المهمل والناجح من الراسب ، ومن سيتخرج ومن سيعيد ، وهذه كلها مقاييسٌ يعرف بها مدى الاستفادة من مامضى والاستعداد لما يستقبل ، وهانحن عباد الله قد تخرجنا جميعاً من مدرسةٍ شهر رمضان التي يعدها الصالحون أعظم مدرسة يتخرج منها المؤمن ، فقد تعلمنا فيها الصبر والتحمل والجود والإنفاق والبذل والإيثار على النفس ومواسات الفقراء ، والمحافظة على الصلاة والمسابقة إلى الخيرات والجد والمثابرة والحرص على أعمال الخير كلها، ألفنا قراءة القرآن وسماعه في ليلنا ونهارنا ، سمعنا المواعظ والدروس الرمضانية في كل يوم من أيام رمضان ، لانت قلوبُنا ، خضعت جوارحُنا ، إنكسرت حدةَ الشرِ في قلوبِنا وزكت نفوسِنا ، اتصلت قلوبُنا بخالقها وخشعت جوارحُنا لبارئها ، امتلأت مساجدنا بالمصلين ، وعمرة بيوتنا بالتالين لكتاب الله عزوجل ارتجتِ المساجدَ والبيوتِ بأصوات التالين لكتاب الله ، ترنمت به النساء والأطفال في البيوت ، وازدانت به الشوارع والطرقات ، فلا تسمعُ إلا تالياً لكتاب الله أو مسبحاً لله أو ذاكراً لمولاه ، ترى من كان لايدخل المسجد إلا قليلاً لايخرج منه إلا قليلاً ، ومن لايقرأ القرآن إلا يسيراً لايتركه إلا يسيراً يختم القرآن ختمةً بعد ختمة ، ويعيد النظر في كتاب الله مرةً بعد مرة ، وترى البخيل الذي لاينفق يسابق إلى الخيرات فينفق الكثير ، ويعطي عطاء من لايخشى الفقر ، أما نظرت إلى موائد الإفطار وكيف يتسابق المسلمون على تفطيرِ الصائمين الكل يبذل والله عزوجل يتقبل من الجميع .

عباد الله : كان من المفترض أن نتخرج جميعاً من هذه المدرسة سادة في العباة وقادة في الطاعة ، نقضي ليلنا كله أوبعضه ركعاً وسجوداً لله تعالى ونقضي نهارنا أو بعضه في قراءة القرآن وتسبيح الملك الديان ، نجعل نومنا طاعة وأكلنا عبادة وذلك عندما نريد بأكلنا ونومنا التقوي على طاعة الله عزوجل يقول أحدُ السلفِ رحمهم الله: إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ، وخيرٌ من ذلك قوله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} .

عباد الله : هذه هي مدرسة رمضان التي عشناها وتلذذنا فيها بالصيامِ والقيام وقراءة القرآن ، والصلاة والذكر والمناجاة ، انكسرت فيها قلوبنا وخضعت فيها جوارحنا ، وذلت لربنا فيها رقابنا، وعلت فيها أصواتنا بقراءة القرآن ، ولهجت فيها ألسنتنا بالذكر والدعاء ، وذرفت عيوننا من خشية الرحمن ، فماهو المفترض أن نكون بعد رمضان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق