من أقوال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ

قولي صواب ويحتمل الخطأ وقول غير خطأ ويحتمل الصواب .



الجمعة، 24 ديسمبر 2010

التقوى

التقوى
الحمد الله والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أيها الإخوة الكرام: كلمة التقوى كلمة عظيمة المعنى جميلة المطلع عذبة الاستهلال يفتتح بها الخطباء خطبهم والوعاظ مواعظهم والموصون وصاياهم.  
نسمعها في كل جمعة وفي أكثر المواعظ الوعاظ ووصايا الناصحون، وقد كانت الوصية بالتقوى ديدن رسول الله صلى الله عليه وسلم: والسلف الصالح من بعده فعن أنس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أريد سفرا فزودني قال:
(( زودك الله التقوى )) قال: زدني قال: (( وغفر ذنبك )) قال: زدني بأبي أنت وأمي قال: (( ويسر لك الخير حيثما كنت )) رواه ابن خزيمة والحاكم والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب . فالوصية بالتقوى أعظم وصية يُوصِي بها الإنسان نفسه وإخوانه ، ويتواصى بها المسلمون جميعاً فما من نبي إلا وأوصى بها قومه ، وهي من آخرِ كلامِ المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو في سكرات الموت وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بها أصحابه وأمراءُ الجيوش والمبعوثون إلى الأقاليمِ والبلدان فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم فيما روى الترمذي بسند حسن صحيح  عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( اتق الله حيثما كنت وأتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها وخالقَ الناسَ بخلقٍ حسن )) ورى ابن كثير في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لمعاذٍ حين بعثه إلى اليمن: (( واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب )) (1 / 448) .
وروى ابن حبان في صحيحه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن خرج معه يوصيه، ثم التفت صلى الله عليه وسلم نحو المدينة فقال:(( إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا)) ( 2/414 ).
عباد الله: اعلموا ـ رحمكم الله ـ  أن التقوى عبارة عن امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه ظاهراً وباطناً مع استشعار التعظيم لله والهيبة والخشية والرهبة من الله .
فإذا  امتثلت أوامر الله واجتنبت نواهيه واستشعرت عظمته وقدرته على الخلق أورث ذلك في قلبك خشيةً وخوفاً ورهبةً تبعثك على فعل الطاعات واجتناب المعاصي.  وإذا راقبت اللهَ  في السر والعلانية وامتثلت أمر رسوله صلى الله عليه وسلم  واستوى عندك السر والعلانية : وأقمت من نفسك على نفسك رقيباً وكنت كماقال الشاعر:
إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا ــــــــــــ تقل خلوتُ ولكن قل على رقبُ   
جنيت بإذن الله عزوجل ثمرة التقوى ونجاك الله عزوجل من البلوى ؛ لإن التقوى ليست مجردُ كلمةٍ تقال باللسان لا معنى لها ، وإنماهي: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والإستعداد ليوم الرحيل والرضى بالقليل )  
فالكرامة الحقيقة والسعادة الأبدية في الدنيا والآخرة إنما تحصل بتقوى الله عزوجل قال تعالى:                        ﭿ                        (الحجرات 013) .روى الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله عز وجل يقول يوم القيامة ... أين المتقون أين المتقون إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))
        ثم اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن التقوى أمر قلبيٌ يورث الخشية من الله عزوجل ويظهرُ أثرها على الجوارح فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم:(( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله و لا يكذبه ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم،كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )) رواه مسلم.
فإذا خالطت التقوى بشاشة القلب كانت له عاصم من الشيطان قال تعالى:                          (الأعراف 201) .
فما من خيرٍ عاجلٍ ولا آجلٍ ظاهرٍ ولا باطنٍ إلا والتقوى سبيل موصلٌ إليه ووسيلةٌ مبلغةٌ إليه وما من شرٍ عاجلٍ ولا آجلٍ ظاهرٍ ولا باطنٍ إلا والتقوى حرزٌ حريزٌ وحصنٌ حصينٌ للسلامة منه والنجاة من ضرره . وكم علق الله على التقوى من خيراتٍ عظيمة وسعاداتٍ جسيمة، إذ هي الزادُ في السفرٍ والصاحبُ في الحظرٍ والمخرج من كل شر ، قال الله تعالى:                              (البقرة 197)  ولذلك لما قال الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يارسول الله إني أريد سفراً فزودني قال: (( زودك الله التقوى)) وهي السبيل إلى العلم الشرعي النافع قال تعالى:             ﯿ      (البقرة 282) وهي السبيلُ إلى الخروج من المضائق والأزمات وجلب الأرزاق والبركات قال تعالى:                             (الطلاق 002-003) نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التقوى والاستقامة على الطاعة وأن يعيذنا من موجبات الضلالة وأسباب والندامة إنه على كل شيء قدير .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق